لماذا يعتبر البريد الإلكتروني لأصحاب الشركات الصغيرة أكثر أهمية من وسائل التواصل الاجتماعي؟

لماذا يعتبر البريد الإلكتروني لأصحاب الشركات الصغيرة أكثر أهمية من وسائل التواصل الاجتماعي؟

البريد الإلكتروني ليس جذابًا للغاية ولكنه دائما ما يحقق النتائج المرجوة

بقلم: جايسن مكبرايد
Jason McBride

المقال مترجم من الإنجليزية (أنظر نهاية الصفحة للتفاصيل)

ظهر البريد الإلكتروني قبل وسائل التواصل الاجتماعي، وسوف يبقى لفترة طويلة حتى بعد أن تحل تقنيات جديدة محل وسائل التواصل. إضافة إلى ذلك، ظهر البريد الإلكتروني قبل اختراع الإنترنت

إذا كنت ترغب في زيادة إيرادات شركتك، فاعلم أن الاستثمار في البريد الإلكتروني أفضل بكثير من الاستثمار في وسائل التواصل الاجتماعي. تستخدم كافة منصات وسائل التواصل الاجتماعي نظام برمجة مغلق، فشركتك ما هي إلا ضيف في هذا النظام، وقد تطرد منه في أية لحظة

على غرار وسائل التواصل الاجتماعي، يعد البريد الإلكتروني معيارًا مفتوحًا، حيث تمتلك فيه بيانات شركتك. ففي اقتصاد المعلومات، يعتبر امتلاك البيانات أمرًا بالغ الأهمية لتحقيق نجاح طويل الأمد، حتى وإن لم تكن شركتك تقليدية ولا تستند على المعلومات. فعلى سبيل المثال، يحتاج مدربو اليوغا والبيانو، ومحال الموسيقى قوائم بريدية أكثر من حاجتهم للتواجد على منصات التواصل الاجتماعي

الخوارزميات تعطي وتأخذ في ذات الوقت

قبل بضع سنين، كانت الصفحات التجارية على موقع فيسبوك رائجة للغاية، حيث يعتقد بعض “خبراء” وسائل التواصل الاجتماعي أن هذه الصفحات جعلت من امتلاك شركتك موقع إلكتروني أمرًا مبتذل وقديم. فقد يسرت هذه الصفحات عملية إرسال رسائل مباشرة إلى أي شخص أعجب بصفحتك

سوف تظهر منشوراتك على الصفحة الرئيسة للمتابعين، كم كان زمن جميل!

وفي أحد الأيام، أكّد موقع فيسبوك أن عدد كبير من الشركات تستخدم هذه الخاصية، فغير ذلك الأمر كل شيء

فقد أصبح التواصل مع كل من أراد معرفة آخر مستجداتك عملية تتطلب دفع الأموال. فاليوم، السبب الرئيس الذي يدفعك لامتلاك صفحة تجارية على موقع الفيسبوك هو أنه يمكنك نشر الإعلانات المدفوعة

وتبين لنا أن صفحتك التجارية على موقع الفيسبوك لم تحل محل موقعك الإلكتروني

في الحقيقة، يحدث هذا الأمر على كافة المنصات الأخرى. لذلك، كان من المفترض أن يُنهي موقع فيسبوك وماسنجر ورسائل تويتر المباشرة عصر البريد الإلكتروني

بإمكان شركات مواقع التواصل الاجتماعي تغيير القوانين في أي وقت تريد،  ففي النهاية، هدفهم الأساسي ليس جعل تجارتك مربحة، وإنما جعل موقعهم مربح

تتحكم خوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي، ومحركات البحث مثل جوجل ويوتيوب، بمن سيرى معلوماتك وماذا سيرى؛ هم من يحرسون البوابة. علاوة على ذلك، يتحكمون بمن سيرى رسالتك. لذا، تقيدك تلك الخوارزميات من الوصول إلى الأشخاص الذين يودون معرفة آخر مستجداتك – وطلبوا ذلك

يعمل البريد الإلكتروني دون هؤلاء الحراس. فإذا تمكنت من تحمل مسؤولية إدارة القائمة البريدية التي تملكها، فسيقرأ غالبية من في القائمة رسائلك. قد لا يفتحونها، ولكن سوف يرونها. ولكن، تستطيع جعل رسائلك البريدية أكثر جاذبية. وفي المقابل، ما باليد حيلة في حال رفضت خوارزميات مواقع التواصل إظهار منشوراتك أمام المتصفحين

اثنان من أغلى الأصول التي تملكها

أغلى الأصول التي تملكها في عملك هي بياناتك وعلاقاتك، وذلك بصرف النظر عن القطاع الذي تعمل فيه شركتك. إذا كنت تملك قائمة بالزبائن وتعرف الطريقة المناسبة التي سوف تتواصل معهم من خلالها، سوف تستمر أعمال شركتك مدى الحياة. حيث قد ترتكب الأخطاء أثناء عملك في أي نشاط من أنشطة الشركة، ولكن، إذا كنت تملك قائمة بالأشخاص الذين يودون الحصول على ما تقدمه، وتملك أيضًا طريقة للتواصل معهم، ففي هذه الحالة سوف تنجح

لا تعتبر وسائل التواصل الاجتماعي طريقة فعالة للتواصل مع معجبيك الحقيقيين. فلكي تصل إلى الأشخاص الذين قالوا أنهم يودون معرفة آخر مستجداتك، سوف يستهلك هذا منك الكثير. جميع الجهود الذي بذلتها للتواصل مع الآخرين على هذه المنصات تذهب سدى

عبر البريد الإلكتروني، لا أحد سواك يمنعك من إرسال رسائلك إلى معجبيك، ولا يوجد قيود تمنع وصول رسائلك البريدية. لذلك، تعد تكلفة إرسال رسالة عبر البريد الإلكتروني إلى قائمتك البريدية ضئيلة للغاية، فهي تعد الأداة التسويقية الأكثر فعالية واقتصادية للحفاظ على الزبائن وإعادة تنشيطهم والحفاظ عليهم

وهم بيانات وسائل التواصل الاجتماعي

نحن اليوم نعيش في عصر البيانات الضخمة، إذ تستخدم شركات وسائل التواصل الاجتماعي البيانات الهائلة التي تملكها وإمكاناتها التحليلية كنقاط بيع لجذبك وإرغامك على قضاء وقتك واستثمار أموالك على منصاتهم

يمكنك بالتأكيد استخدام هذه المواقع من أجل تنفيذ خططك التسويقية لشركتك، ولكن لا تجعلها الأولوية الأساسية، ولكن لماذا؟

بيانات وسائل التواصل الاجتماعي ما هي إلا وهم ابتدعوه. في واقع الأمر، تستغلك منصات وسائل التواصل الاجتماعي لتساعدهم على جمع المزيد من البيانات عن زبائنك في حين أنك لن تمتلكها أبدًا. تسمح لك باستئجار البيانات، ولكن في حال حدث شيء لحسابك، فلن تتمكن من الاستفادة من تلك البيانات الهائلة التي تملكها هذه الشركات

في حين، إن كنت تملك قائمة بريدية، فأنت تملك بياناتك. يمكنك جمع أكبر قدر أو أقل قدر ممكن من البيانات وذلك حسب ما يسمح به زبائنك. يمكنك فعل الصواب لزبائنك وذلك من خلال الحفاظ على خصوصية معلوماتهم

تستطيع استخدام بيانات زبائنك من أجل تحسين الخدمات المقدمة لهم، وتستطيع اكتشاف المعلومات التي تعجبهم، ونوعية الرسائل التي يهملوا قراءتها

وبالتالي، لا تحتاج شركتك الصغيرة إلى تلك البيانات الضخمة حتى تنمو، كل ما أنت بحاجة إليه هو البيانات الذكية، والتي يمكنك الحصول عليها من خلال البريد الإلكتروني

وقت ضيق وميزانية محدودة

إذا كنت تملك ميزانية غير محدودة، فأنفق بقدر ما تريد على وسائل التواصل الاجتماعي. وإذا كنت تستطيع تطويع الوقت كما تحب، انشر آلاف المنشورات على وسائل التواصل

ولكن ينبغي علينا نحن البشر العاديون بناء شركاتنا في إطار القيود المادية والزمنية المفروضة علينا، وأن نحصل على أكبر عائد من الاستثمارات التي قدمناها إذ يحقق البريد الإلكتروني أعلى ربح بصرف النظر عن الخطة التسويقية المستخدمة

أقولها مرة أخرى، قد تكون وسائل التواصل الاجتماعي مفيدة، ومع ذلك، يمكنك إنجاح شركة صغيرة دون استخدام هذه المواقع، ويصعب فعل ذلك دون استخدام بريد الكتروني. فمن مميزات البريد الإلكتروني أنه قابل للتطوير ومجدٍ اقتصاديا

ولكن، والأمر الأكثر أهمية، يسهل إرسال رسائل بغرض تجربتها عبر البريد الالكتروني مقارنة مع أي مكان آخر عبر الإنترنت

 قياس نتائج البريد الإلكتروني

تُظهر لك كافة خدمات البريد الإلكتروني احصائيات تساعدك على معرفة مدى فعالية رسائلك. حيث يمكنك معرفة عدد الأشخاص الذين فتحوا رسائلك، وعدد من نقروا على روابطك المرفقة في الرسائل، وعدد من بادر في شراء شيء ما بعد أن نقروا على رابطك المرفق

يعد مستوى التفاصيل الموجود في البريد الإلكتروني مميزًا. لا يمكننا إنكار أن وسائل التواصل الاجتماعي تتطور يومًا بعد يوم، ولكنها ما زالت بعيدة عن مستوى التفاصيل التي يمكنك أن تحصل عليها من حملة تسويقية تقوم بها عبر البريد الإلكتروني

فالقدرة على قياس النتائج تعتبر أمر هام للغاية، فذلك يسمح لك بإجراء التجارب، والاستفادة من عروضك المقدمة إلى أقصى حد

فقدرتك على رؤية عدد الأشخاص الذين نقروا على رابط مرفق في رسالتك، يعد أكثر فائدة من معرفة عدد الأشخاص الذين أعجبوا بمنشورك على مواقع التواصل

تعد الأرباح أهم مقياس لأي شركة صغيرة. قد تعطيك وسائل التواصل الاجتماعي شعور بالرضى من خلال عدد الإعجابات والمتابعين، ولكن لا يمكنك من خلالها دفع الرواتب للموظفين

ينبغي أن تحصل على المال لتدفع لهم. لذلك، يعتبر البريد الإلكتروني أفضل وسيلة متوفرة تساعدك على زيادة إيراداتك بشكل مستدام وقابل للتطوير

ترجمت المقال إلى العربية سجى أبو أمونة عن المقال الأصلي بالإنجليزية كجزء من التدريب على رأس العمل في دائرة اللغات والترجمة في رتاج وذلك بعد أن أنهت تدريب برنامج الشهادة الاحترافية في الترجمة عام 2020

دخول سوق العمل بطريقة غير مألوفة

دخول سوق العمل بطريقة غير مألوفة

بقلم نسرين مصلح

زادت أهمية العمل الحر ومن المتوقع استمرار الاعتماد عليه لفترة طويلة قادمة، وبسبب تدهور الاقتصاد عالميا أصبح من الضرورة اتخاذ خطوات غير مألوفة تساهم في عملية البحث عن فرص عمل أو وظيفة بدلا من انتظار الفرصة. وهنا 10 خطوات يمكن اتخاذها:

  1. حدد ما تستطيع أن تقوم به بشكل مميز أو احترافي أو بتمكن.

مثل استخدام برنامج إكسل، الطباعة السريعة والدقيقة، البيع، التسويق عبر الهاتف، الكتابة الترويجية، البحث المعمق بالإنترنت، الترجمة، تصنيع يدوي، تصميم، الترويج عبر منصات التواصل، تحليل أداء منصات التواصل، برامج المحاسبة، المتابعة المالية، الأرشفة الإلكترونية، إدارة صفحة الكترونية، إعداد التقارير، التصوير، تطوير الأعمال وما إلى ذلك.

  1. قم بوصف المهارة التي تتقنها في رسالة من صفحة واحدة

الرسالة هي أداة لإبراز كفاءات وقدرات معينة تركز على المهارة أو الخدمة التي تستطيع تقديمها وليست السيرة الذاتية واذكر فيها ما قمت به وما تستطيع القيام به مع إضافة توقيعك والتاريخ، الرسالة ستعكس مهنيتك كأول تواصل لذا ابحث عن الطرق المهنية في كتابتها وتنسيقها.

 

  1. جهز قائمة أولية بأسماء المؤسسات التي ستتوجه إليها لتقدم الخدمة

وحدد القائمة مع الأخذ بالاعتبار نوع القطاعات (خاص، أهلي، حكومي) وحجم المؤسسات وموقعها الجغرافي أيضا، ولا تتردد في إدراج رتاج في قائمة المؤسسات.

  1. أرسل رسالة موجهة لشخص محدد وتحمل اسمه

(والأمر ليس صعبا الآن بتوفر المعلومات عبر الإنترنت) واضف فقرة في الرسالة المذكورة في نقطة (2) لتبين ما هي قيمتك المضافة لكل مؤسسة على حدة وما من ضير من الإشارة لنشاط أو مشروع ما. أقرأ الرسالة في كل مرة توجها إلى مؤسسة جديدة.

  1. ابحث عن وسائل التواصل الرسمي كالإيميل

ارسل رسالتك ومن ثم تأكد هاتفيا من وصول الإيميل

  1. تابع مع المؤسسة بعد بضعة أيام سعيا للقاء من هو مسؤول عن الخدمة التي قدمتها

  1. وفي حال رفضت المؤسسة عرضك

وجه لهم رسالة شكر على وقتهم مع استفسار عن سبب الرفض وأنك ستتابع نشاطاتهم المستقبلية.

هذه الخطوة توفر لك معلومات سوقية عما يطلبه السوق من كفاءات وهل هي متوفرة لديك

  1. في حال طلب منك اللقاء

جهز الأمثلة التي ستفيد المؤسسة بها سواء ما تستطيع القيام به أو ما قمت به بالفعل مسبقا. وأيضا ما هو العرض المالي الذي ستقدمه لهم.

  1. بعد التواصل مع 10 مؤسسات،

اجمع الردود التي حصلت عليها وقم بتحليلها للاستفادة من المعلومات في تحسين لغة الخطاب في رسالتك اللاحقة.

ومن ثام اجمع 10 مؤسسات جديدة وكرر العملية ومن ضمنها التواجد على منصات العمل الحر على الإنترنت (هناك منصات محلية وأخرى عالمية)

  1. في حال الحصول على الفرصة

تأكد من توثيقها ووصفها بدقة لأنها أول الطريق لبناء الخبرة التي ستقدم لك فرصة العمل التالية بشكل أسهل “قليلا” وهذا يعني أن تصف هذه الخبرة في رسالة التواصل التالية.

لا تتردد في التواصل مع ذات المؤسسات التي رفضت رسالتك المرة الأولى بعد بضعة أشهر فقد أصبحت الآن معروفا لديهم.

إذا اخترت تجربة هذه الطريقة، يسرنا السماع منك عن النتيجة

 

نسرين مصلح، مؤسس ومدير عام شركة رتاج للحلول الإدارية في رام الله، وعضو مجلس إدارة جمعية المدربين الفلسطينيين.

الجودة وما أدراك ما الجودة

الجودة وما أدراك ما الجودة

بقلم نسرين مصلح

نتجاذب أطراف الحديث في سياقات متنوعة اجتماعية ومهنية معرجين على تدني الأداء عموما، لما لذلك من ارتباط بثقافة “الأوك” أو عدم ضرورة إتمام العمل على أكمل وجه على فرض أن أي ما نقوم به سيفي بالغرض، بل وأكثر من ذلك هناك من يربت على كتفه مهنئا نفسه بأن ما قام به دون حث نفسه على التعلم عساه يثري عمله بعلمٍ يفتح عيناه على سبيل لنتاج أفضل من هذا النتاج.

بالرغم من انتشار مناصري هذه المدرسة الفكرية التي تفي بالغرض دونما الالتفات لنوعية الأداء، إلاَّ أن عصفاً ذهنياً سريعاً أثناء اجتماعي الشهري بفريق عمل الشركة التي أدير حيال ما تعنيه لهم كلمة “الجودة”، كل من منظوره، كان كفافاً لكشف مختلف الزوايا التي يمكن تعريف الجودة من خلالها وكيف يعرف كل منا الجودة من خلال الآليات والمركبات التي تصل بنا إلى الرضا عن أدائنا.

ومع ما يقاسيه مجتمعنا جرَّاء إغفال الجودة في الأعمال، إلاَّ أن هذا النهج ليس متغلغلا كما يخيل لنا وأن مساعي الإصلاح قد تُؤتي أُكلها إن عملنا بأنفسنا على تطوير مفهموم الجودة في كل عمل نقوم به.

دائما ما نلوح بشعار الجودة والإتقان مُقرنيه، غالباً، بمفهوم الجودة بالأعمال الإنتاجية في المصانع والمعامل فبمثل هذه، دوائر لقياس وضبط الجودة، إلَّا أن هذه الكلمة رُباعية الحروف تمتد لأبعد من ذلك بكثير لتشمل جودة الحياة التي نقود دفتها في حين أن أي عمل نقوم به يعزز أو يهز ثقة الآخرين بقدرات من يدعى الجودة. ويمكن تقييم الجودة من خلال عدة صفات أخرى:

الجودة تنبع من رضا كل من نتعامل معهم من عملاء، أو أقرباء، أو أبناء، فالرضا من ثمار الجودة، ذاك العامل الذي يرفع سقف التوقعات ويُحفز في ذات الآن التقييم والتطوير الدائم.

الجودة في الشمولية وتجنب الانعزال أي بالتعرف على موضوع ما من ألفه إلى يائه وليس فقط الجزئية الخاصة بالشخص نفسه وأحيانا يحدث لبس ما بين التخصصية والمعرفة الشمولية؛ فالتخصصية مطلوبة جدا، نعم ثمة حاجة لتخصصية المحامي، والمبرمج، والمترجم، وغيرهم من التخصصات ولكن المعرفة بأساليب الإدارة، أو مهارات التواصل، أو قدرات إدارة العمل، ومعرفة ما يحدث قبل وبعد العمل أو المهمة لأمر بالغ الأهمية لرفع الجودة، فإن علم المترجم أن النص سيرسل للنشر مباشرة لبذل جهدا أكبر في البحث والتواصل مع كاتب النص بدلا من الاعتماد فقط على مهارته المتميزة في الترجمة.

الجودة تعني القيام بالعمل مرة واحدة فقط! وترتبط ارتباطاً وثيقا بالتعامل مع الوقت، فغالباً ما نقوم بأعمالنا سريعا مكتفين بحلول سريعة غير جذرية لما نقابله من مشاكل، فالقيام بالعمل مرة واحدة يجتث الإشكال من جذره ويوفر الجهد والتفكير بطروحات مختلفة على أمر تم أساسا استشكاف الحلول له سابقا، وتحاكي إجراءات العمل والتوثيق هذا الأمر من أجل القيام بالعمل مرة واحدة فقط.

الجودة تترعرع عند التخلص من سقوف الفكر، فإن تمكنا من تجنب رسم هذه الأسقف وتحديد أنفسنا بها نرى الجودة من منظور مختلف يسهم في رفع مستواها دوما. يستخدم مصطلح “تفوقت على نفسك” ويشير إلى أن الشخص عادة ما يتقن عمله ولكنه في هذه المرة جاء بما هو أفضل بكثير مما تصنعه يداه عادةً، يبرز هنا دور الفكر الحر في صقل الجودة؛ فما نقوم به على أكمل وجه اليوم يمكنه أن يكون مرة أخرى أفضل وأفضل في ظل اتباع معايير الجودة الذاتية وليست المعايير العامة المتعارف عليها. متى يترسخ مبدأ الجودة في حياتنا، نراه يتسلل لينطبق ليس على المهام فقط بل والمهارات، والعلم، والعلاقات المهنية الاجتماعية لتندمج بعد ذلك فكرة الإتقان اندماجاً تلقائيا وعضوياً في كافة مناحي الحياة.

ثمة الكثير من الصفات التي توازي مفهوم الجودة والإتقان كاحتساب الوقت ومقارنته بالجهد، وتقييم النتيجة المرجوة، والدقة، والجلَد، وهكذا لا تغدو كلمة جودة مجردة بل تجسيد وصنيعة لكل تلك الصفات الداعمة التي تبلور التفرد الذي نصبو إليه.

ولكن، كيف نصل إلى هذه الجودة؟ الأمر ليس صعباُ إذ يمكن التفكير بها من خلال أربعة مراحل متتالية؛ أولها توافر نية التعلم وبالتالي توظيف كافة المواقف لصالح التعلم والتنور، ومن ثم الملاحظة والاستفادة من كل ما يحدث في المحيط وتقييمه لخدمة التعلم وتنمية الفكر، بعد ذلك تأتي الأسئلة والاستفسار بدلاً من الاستنتاج الفردي، وأخيرا توجيه كل هذا التعلم لخدمة التنفيذ والإنتاج المتقن والأداء المُكلل بالجودة.

الجودة لا ترتبط بأشخاص محددين دون آخرين فهي تصف أداء العامل الذي يقتن بناء نظام الصرف الصحي، وتصف أداء شرطي المرور الذي يجنبنا الكوارث، وتصف أداء المسؤول المنتخب الذي يقود التغيير، وهي ذاتها التي تصف الوقت المميز الذي يقضيه الأهل مع الأبناء. تقع مسؤولية اعتناق ونشر ثقافة الجودة وإتقان العمل على كاهل كل فرد من أجل تقدم المجتمع والفكر.

نسرين مصلح، مؤسس ومدير عام شركة رتاج للحلول الإدارية في رام الله، وعضو مجلس إدارة جمعية المدربين الفلسطينيين.

عندما تأسرك اللغة

 بقلم: نسرين مصلح
بحكم عملي، سافرت كثيرا وقابلت كثيرين، منهم من يعتز بلغته الأم لدرجة رفض التحدث بأي لغة أخرى، ورغم أن عملي هُو المُحرك الرئيس لأسفاري إلَّا أني لا أنسى حظي من الاستجمام. وهذه حال اخر رحلاتي إلى تركيا التي قصدتها لإتمام مهمة عمل مُحددة تطلبت احتكاكاً مباشراً مع أهالي البلد، أقصد أهالي البلد الأصليين ممن لا يزورهم الأجانب إلَّا كل سنة مرة.
دفعتني رحلة الأيام الست تلك للتساؤل إذا ما كان سبق لأحد أن استخدم مصطلح “الأسر اللغوي” من قبل، حالة تُخلف شعوراً شبيها بالعزل الانفرادي عن الآخر، لم يكن لدي أدنى معلومة عن اللغة هناك، أصابني ذلك بحالة من التصلب اللغوي كلما تعاملت مع السكان علماً أني أجيد لغتين ناهيك عن شغفي في اللغات عموماً. إلى جانب لغتي العربية أتقن الإنجليزية إتقان أهلها لها؛ وما ندر أن عاقتني اللغة في تحقيق أهدافي بالتواصل، إلَّا أن ذلك لا ينطبق على رحلتي الأخيرة التي تطلبت إلماماً بلغة البلد المُزَار يُسعفنا لإتمام مفاوضات تعاقدية.
سُرعان ما خلص والدي الذي رافقني في مهمتي تلك إلى أن ما نقوم به ليس إلَّا مضيعة للوقت، فمن المحبط أن يستحيل بك الأمر للجوء للإشارات ملقياً ما في جعبتك من لغات إلى الرف. وافقت والدي أحياناً، وأحيانا أُخرى ابتسمت وتساءلت لأي حد يُمكن للإشارات أن ترتق فجوات غياب لغة مشتركة بين الأغراب.
قد تعتقدون أني أبالغ بوصف ما مررت به، إذ ثمة الكثير من العبارات المشتركة بين اللغة العربية-لغتي الأم-والتركية، ناهيك عن كوني مدربة لغة وأؤمن بقوة اللغة، إلَّا أن كل ذلك لم يكن كافيا لتبديد شعوري بالعجز جرَّاء عدم مقدرتي على التواصل.
بعد الأمرين وعقب خمسة أيام من الرحلة المأسورة لغوية عثرنا على مفتاح سجننا في شخص يتحدث اللغة العربية والإنجليزية إلى جانب لغته الأم، بالفور أبرمنا اتفاق مع هذا المُخَلص والمنقذ اللغوي حتى وإن لم تكن خدمته أفضل ما في السوق
وبعد إتمام المهمة وفي طريقي للوطن قررت أن أكتب هذا المقال وملاحظاتي لم تفتر بعد. ستكون هذه الملاحظات بمثابة قائمة بالأمور الواجب القيام بها قبل أي رحلة مقبلة بغض النظر عن الوجهة التي أنوي زيارتها.
أولاً: تعلم!
قبل السفر، لابد من تعلم مفاتيح لغة البلد المراد زيارته، على أن تُنتقى هذه التعابير المفتاحية بما يخدم غرض الزيارة. ليس من الصعب أن توفر بضع الساعات للاستزادة ببعض الكلمات المفتاحية؛ فالقليل منها قد يغني عن استخدام جملة كاملة، فعلى سبيل المثال معرفتي لكلمة ’ikra‘ والتي تعني إيجار بالتركية كانت كفيلة أن تعطيني إمارة بأننا في المكان الصحيح. فالتزود ببعض الكلمات أو العبارات المفتاحية قد يوفر عليك الكثير من الوقت فضلاً عن شعور الاكتفاء والرضى بأن تُفْهَم وتُفَّهم. في بداية رحلتنا قابلنا امرأة لا تتحدث إلا اللغة التركية اعطتنا حلاً مبتكراً بمهاتفة صديقتها التي تتحدث الإنجليزية لتكون حلقة وصل بيننا وبينها –ملاحظة جانبية: تم كل ذلك من خلال خاصية السبيكر عبر الهاتف المحمول. وقابلنا فيمن قابلنا، امرأة تركية كثيرة الكلام في منتصف العمر رافقتنا لكي تعرض علينا خدماتها، لو عرفنا بعض الكلمات المفتاحية لساعدتنا في فهم ما حاولت إيصاله لنا جاهدة حتى ساورني شعور بأنها معلمة.
ثانياً: لا أعذار
لا تتعذر بكونك سائحاً، فهذا ليس عذراً على الإطلاق. لا يرى البعض في قطاع السياحة حاجة ملحة لتعلم لغة ثانية، مما ينقل مسؤولية التعلم إلى السائح نفسه كي يتمكن من التعبير عمَّا يريد دون الانزلاق لهوة الأسر اللغوي. مثال ذلك عندما استأجرنا سيارة، كان تعامل مندوب المبيعات في مكتب الاستقبال جيداً إلى حدٍ ما ولم يحتج الأمر إلَّا لبعض المحاولات، إلَّا أن الحال لم تكن هي الحال مع زميله المسؤول عن استلام وتسليم السيارات فحتى الإشارات والإيماءات لم تجدي نفعاً لجسر هوة اللغة بيننا.
ثالثاً: درب أُذنك
تتميز بعض اللغات بإيقاعها السريع جداً حيث لا تكاد الأذن تلقط كلمة واحدة من جملة متوسطة الطول تاركةً إياك والحيرة تأكل قسمات وجهك راجياً رأس خيط في تعابير وجه من تخاطب دون أي جدوى. ومن الطرق التي تساعدك في التغلب على مثل هذه المواقف هي استماعك لمقطع فيديو لتدرب أذنك على التراكيب الصوتية للغة البلد الذي تنويه، ويمكنك تعلم جمل وعبارات مفتاحية أثناء مشاهدتك لمثل هذه الفيديوهات.
رابعا: الأدوات
سلح نفسك بالأداة المناسبة؛ فإن كنت لا تعرف شيئاً عن لغة البلد الذي تنوي زيارته لكن مهمتك تقتضي التعمق في المجتمع المحلي ولقاء جهات، أو أفراد، أو أساتذة، أو أطباء، أو باعة، أو غير ذلك فلا مناص أن تشعر بالضياع دون لغة كمن اعتل تطبيق الجي بي اس (نظام التموضع العالمي) خاصته عن إرشاده لوجهته! وعليك بتطبيقات الترجمة الفورية (والتي وإن لم تفي بالغرض تحل جزء من العقدة)، فأداة تفشي بشيء من الغرض أفضل من لا شيء.
في رحلتنا طلبنا من أحدهم التكلم عبر إحدى تطبيقات الترجمة لنحصل على أعجب ترجمة ممكنة، في المقابل أبلى التطبيق بلاء حسناً في ترجمة الجمل القصيرة والبسيطة. ملاحظة جانبية أخرى لمطوري التطبيقات اللغوية: ما زال هنالك الكثير لتطويره على هذه الجبهة.
سأكتفي مشاركتكم بهذه الملاحظات الأربع رغم أن ما تعلمته من هذه التجربة يفوق ذلك بكثير.
يبقى السفر النشوة الكبرى وأكثر التجارب إثراء وثراء بفرص التعلم؛ لذا نصيحتي لكم أن تستمتعوا بتعلم عبارات مفتاحية من لغة البلد الذي تنوون زيارته، فمسرة ذلك لا تقتصر على التواصل والاحتكاك مع أهل البلد الأصليين وإنما يثري سفرك بنافذة تُطل بك على ثقافات جديدة وفرص لا تنتهي من التعلم.
نشر هذا المقال باللغة العربية على موقع صحيفة الحدث رابط المقال
نشر هذا المقال باللغة الانجليزية على موقع Travel Daily News رابط المقال

النصائح الـ٦ لـست البيت

لا ننكر بأن الحياة الأسرية والاعتناء بالأطفال هي وظيفة بدوام كامل، ولكن، ماذا يحدث عندما يذهب الأولاد إلى المدارس، أو الجامعات، أو حتى عندما ينشغلون في حياتهم الخاصة خارج جناحي الوالدين!

تعيش الأمهات سواء ممن حصلن على درجة أكاديمية أم لا ولم تخض يوما غمار العمل فيضاً من وقت الفراغ، مما يدفعها للتساؤل عن قيمتها المضافة في هذه الحياة بعد خروج الأولاد من كنفها غادين كل إلى حياته!

إليك ٦ نوافذ للبدء بالتفكير في بناء حياة خاصة بك:
  •  التكنولوجيا: الأداة التي تنقلب لوحش مرعب لمن يبتعد عنها قليلا فماذا تفعل الأمهات اللواتي هجرنها لسنوات! حسنا، هناك خبر جيد! لم يفت الوقت بعد ما دامت لديك رغبة في التغيير والانتقال إلى حياة بواقع ومعطيات جديدة. التدريب والتمرس يصقل أي مهارة وفي أي عمر كان. 
  • أنتِ والمجتمع: ماذا يدور حولك خارج إطار الجارة والأُخت. الكثير الكثير من الفعاليات والنشاطات تحدث في المجتمع المحلي ويمكن للأم المشاركة والتطوع في مثل هذه الفعاليات، وهي واحدة من سُبل تطوير المهارات.
  • العمل الريادي: الأم هي من أعظم الرياديات إذ أن تربية الأولاد مشروع عظيم بحد ذاته يتطلب فكراً، وتخطيطا، وبناء للمهارات وبالتالي، تملك الأمهات مقومات الريادة أو البدء بمشروعها الخاص للنهوض بما لديها من طاقة لم تخبو مع انصراف الأولاد إلى حياتهم.
  • المال: لطالما تعتقد المرأة بأن التخطيط المالي أمرٌ صعبٌ ومن الأفضل تركه للرجال، ولكن أليس المرأة أفضل من خطط ماليا للعائلة! ليس بحاجة إلّا اليسير من المهارات للتخطيط لمشروعها الخاص.
  • الحدود: السماوات هي الحدود وليس سور المنزل وحديقته الجميلة، من تفكر بالعطاء وتوظيف طاقتها، عليها أن تتجاوز فكرة الحدود الجغرافية والفكرية وحتى التكنولوجية.
  • القانون: المعرفة قوة؛ فكلما عرفنا أكثر زادت حصيلة أفكارنا ونما دافعنا للتنفيذ ولضمان سلامة خطواتنا لابد لنا من معرفة القانون.

علينا ألا نطلق العنان لأفكارنا وحسب وإنما لأفعالنا أيضا لأخذ الخطوة الأولى تجاه لمس أهدافنا في الواقع حتى وإن تتطلب الأمر بداية لمرحلة جديدة في الحياة. والآن، ما هي الخطوة القادمة التي تفكري بها؟